social media, مقالات منشورة, مصادر أكاديمية, معرفة, نحو إثراء المحتوى العربي الأكاديمي, خواطر متفرّقة

Clubhouse: اللاعب الجديد على خارطة وسائل التواصل الاجتماعي، ما الذي يقوله لنا علم الاجتماع الرقمي؟

كعضو في جيل الثمانينات، أملك ذاكرة جيدة عن مسيرة شبكة الإنترنت في السعودية منذ 1999. ابتداء من المنتديات وصولا للاعب الجديد على ساحة وسائل التواصل الاجتماعي: Clubhouse. وكحاصلة على الدكتوراه في مجال الهوية، المرأة واستخدامات وسائل التواصل الاجتماعي، أظنني تشبعت بما يكفي بتحليل تبني هذه المنصات بشكل علمي. في هذه المقالة أحاول رسم خارطة بسيطة عن ما يعنيه Clubhouse بحثيا، انطلاقا مما أعرفه جيدا، وانتهاء إلى التساؤلات غير المحدودة التي يمكن أن نطرحها. كل ذلك إجابة على تساؤل محدد: ما الذي يمكن أن يقوله علم الاجتماع الرقمي لنا عن Clubhouse؟ 

ما هو Clubhouse: 

يقص لنا ويكيبيديا قصة تأسيس Clubhouse في إبريل 2020 (سنة كوفيد-19 أو كورونا كما نسميها). باختصار هو تطبيق للمحادثة الصوتية، يمكن تحميله فقط على أجهزة IOS، ويمكن المشاركة فيه عبر الحصول على دعوة فقط. قفز عدد مستخدمي التطبيق من 1500 في مايو 2020 إلى 6 ملايين في فبراير 2021 وقفزت قيمته السوقية من 100 مليون دولار في مايو 2020 إلى بليون في يناير 2021 ويتصدر عدد مستخدميه كلا من: ألمانيا، إيطاليا، اليابان وكوريا الجنوبية

المنتدى الصوتي هكذا أود تسميته: 

في كل مرة أقرأ كلمة “كلوب”، لا يمكنني إلا أن أتخيل سقوط الواو! لذلك، أفضل تسمية clubhouse بالمنتدى الصوتي، كتسمية إخواننا المصريين للـ Facebook بكتاب الوش 😉 على كل حال، ما الذي أتى به هذا التطبيق للمستخدمين السعوديين؟ وكيف تم تبنيه حتى الآن؟ وما هو المتوقع من أشكال الاستخدامات التي لم تفاجئنا “سعوديا” وما هي الأخرى التي أتى clubhouse ليقدمها ويتحداها؟ هذا ما أحاول مناقشته في الفقرات التالية. 

علم الاجتماع الرقمي: 

يمكن تعريف علم الاجتماع الرقمي ببساطة بأن فرع من فروع علم الاجتماع يهتم بالمقاربة العلمية ما بين التكنولوجيا والمجتمع، بكل ما ينضوي تحته من مواضيع، ابتداء من الأمية الرقمية، الحتمية التكنولوجية، الهويات الرقمية وإعادة تشكيل الهوية، والذكاء الاصطناعي وعلاقته بالخصوصية والبطالة والأنسنة وغيرها. وما يميز هذا المجال هو بينيته، فهو من المجالات التي تجمع أكثر من مجال بحثي، مثل الحوسبة، والاقتصاد، واللغويات وغيرها. إذن، فدراسة تقديم الذات في الشبكات الاجتماعية تندرج تحت علم الاجتماع الرقمي، التحدي الذي يلعبه هذا الأثير المسمى بالإنترنت على تشكيل القيم والهوية ينتمي لعلم الاجتماع الرقمي، الخصوصية التي تخترقها هذه الشبكات وكيف يتكيف المجتمع معها أو يرفضها كل ذلك وأكثر يتناوله علم الاجتماع الرقمي.

ما الذي تحت الشمس؟ 

أولا: البحث العلمي: 

في حياتي الأكاديمية، لم أر تصالحا وتسامحا في “تسريع” خطوات النشر العلمي دون المرور بمسيرة التحكيم العلمي التي تستغرق مدة لا يقل عن الشهر وقد تصل لستة أشهر، كما رأيت خلال جائحة كورونا-19، لكن هذا ليس موضوعنا، إن ما نعرفه حتى الآن إعلاميا عن clubhouse هو أضعاف مضاعفة عن ما تم نشره علميا. خلال بحثي لكتابة هذه المقالة، وقعت على دراستين فقط قامتا بجمع عدد من المقابلات مع مستخدمي التطبيق في أمريكا وكندا، الأولى نشرت في يوليو (2020)، والثانية في الشهر الماضي (يناير 2021)، أسفرت النتائج بشكل عام عن الأثر الإيجابي الذي لعبه clubhouse على الصحة النفسية خلال أزمة جائحة كورونا (كوفيد-19) من حس المشاركة والتواصل والتغلب على العزلة الاجتماعية المفروضة بسبب الجائحة.

ثانيا: الملاحظة ملكة التحليل: 

لم يمض على انضمامي للمنتدى الصوتي clubhouse سوى عدة أيام، لكن حتى الآن أستطيع تكوين تصور مبدئيا عن النمطية في استخداماته كأي تطبيق آخر: 

تقديم الذات: من اختيار للاسم، والصورة، والنبذة، والتي قد يختار البعض توحيدهم مع الشبكات الأخرى بينما يختار غيرهم عكس ذلك (حتى الآن لم أر أسماء كحاطب ليل ووردة نجد فالحمدلله). فكيف يقدم المستخدمون السعوديون أنفسهم على هذه المنصة؟

المواضيع “الشائكة”: هناك مواضيع لن تستغرب وجودها في مكان يجمع المستخدمين السعوديين (أقول ذلك بطريق محايدة ١٠٠٪) المرأة والرجل، العادات والتقاليد، وهل كشف الوجه جائز أم لا 🙂 ، فكيف يناقش المستخدمون السعوديون موضوع س وص وهل يختلف ذلك من منصة لأخرى بين وبين سنة لأخرى؟ (في حال وجد هناك مصدر لذات النقاش في أعوام مضت). 

انهيار السياق: وهي ظاهرة معروفة على منصات التواصل الاجتماعي، فمثلا: لا أريد مشاركة اسمي وصورتي على تويتر هنا، يا الله هؤلاء زملائي في العمل ما الذي أتى بهم هنا؟ يا للمصيبة إنها قريبتي في نفس الغرفة التي أتحدث فيها ألا يمكننا الهرب؟ هل يضع المستخدمون السعوديون الحدود بين حسابهم على clubhouse وغيره من الحسابات على المنصات الأخرى أم لا؟ وإن كان فكيف ذلك؟

ما الجديد؟ 

مبدأ الندرة: أتذكر بالزمانات أن التسجيل بإحدى المنتديات المرموقة – والتي أصبح بعض مدونوها روائيون سعوديون معروفون، بل أن بدايات كتاباتهم الأدبية خطت أولى خطواتها من هناك – كان يستوجب الموافقة والانتظار حتى يتم انضمامك “للنخبة”. يعيد clubhouse هذا المبدأ، فحتى تتمكن من الانضمام لابد أن تتم دعوتك بواسطة مستخدم تمت دعوته من قبل مستخدم آخر. ومبدأ الندرة وهو من وسائل الإقناع التسويقية يجعل التسجيل في clubhouse أكثر جذبا. في وسم #مين_كفيلك_على_كلوب_هاوس ، يتحول الضيف إلى مكفول والمستضيف إلى كفيل، وهو من التشبيهات المثيرة للاهتمام داخل إطار الثقافة السعودية وقوانين العمالة (علم الاجتماع الرقمي مرة أخرى). 

الانفجار النصي تحول لنسخة صوتية: يصل عدد التغريدات على تويتر في الدقيقة لعدد مهول (لا أعلمه) متأكدة أنه يتعدى الملايين لما بعدها. يأتي clubhouse ليتحدث الملايين في وقت واحد في غرف مختلفة حول العالم في ذات الوقت. فما الذي يستحق التناول بحثيا بين كل هذا التدفق؟

المنصة الإعلامية، الراديو الجديد: يقال بأن وسائل التواصل الاجتماعي (خاصة تويتر) حولت كل مستخدم إلى إعلامي، امتلك فيها منصته الخاصة. لكنني أرى بأن التحدي الإعلامي الذي فجره clubhouse قد فاق كل من كان قبله، لماذا؟ لأن clubhouse لا يستلزم رابطا لجلسه مثل zoom، ولا مقابلة “انستجرامية” تحاكي التلفاز، بل إنه يعيد تشكيل المحتوى الإذاعي للراديو بطريقة في منتهى السلاسة والخفة: يمكنك أن تصبح مذيعا وأن تدير برنامجك الخاصة بضغطة زر.ليس ذلك فحسب، بل إن “المواهب” التي سيتم استقطابها عن طريق clubhouse ستحدث نقلة نوعية – أو هكذا أظن – في إضافة أسماء جديدة على الساحة الإعلامية عموما والإذاعية خاصة.

الأهم من ذلك كله، من وجهة نظر المستخدم، فإن clubhouse قد استبدل MBCFM القناة الإذاعية المرافقة خلال “المشاوير” بالسيارة، وما يميزه أكثر من ذلك وجود الاختيار حسب الموضوع، بالانضمام لغرفة والخروج من أخرى. إن ما يطرحه ذلك من فرص بحثية لطرق إدارة الحوار وعلاقته بتصميم التطبيق وطبيعة المواضيع التي يتم طرحها وكيف يتم تناولها وكيف تتعامل المؤسسات الإعلامية مع هذا التطبيق، ومقارنته ذلك بإطار مجتمعي آخر – غير السعودية (مدى التشابه والاختلاف بين هذا وذاك؟) هو مجال واسع جدا جدا جدا

عن “مختمي العلم” أتحدث: 

ما كتبته هنا لا يعد شيئا من الفرص البحثية لتطبيق clubhouse، سواء في علم الاجتماع الرقمي، أم الصحة النفسية، أم اللغويات الاجتماعية، واللغويات بشكل عام، لذلك عزيزي الباحث الذي يعمل على استبيان في هذه اللحظة ظانا منه أنه بهذا قد قام “بتختيم العلم” وسبق غيره إلى نهاية النفق، لا تفرح كثيرا. نشكر لك مجهودك ونثمنه لك، لأن عملك هذا هو لبنة في طريق فهمنا لتبني المستخدمين السعوديين لـ clubhouse وما هي الفرص والتحديات التي سيقدمها هذا المنتدى الصوتي لينضم إلى إخوته وأخواته؟

أخيرا، أتحفظ جدا على حتمية “اندثار” clubhouse أو كونه بديلا عن تويتر وغيرها من النبوءات، فطيرنا ما زال مغردا، وكتاب الوش مازال صامدا حيا يرزق، لكن من يعلم، ربما تنتصر شراهة امبراطورية الفيسبوك ويترك clubhouse الساحة كما استسلم وتركها Path قبله! ما أود قوله أننا ما زلنا في بداية الطريق، وأن هذا التطبيق وغيره يحمل بيئة ثرية للبحث العلمي تتجاوز الاستبانة كأداة للمسح والوصف، فهناك المقابلة والملاحظة بالمشاركة وبدونها، فهلموا هلموا أيها الباحثون فالطريق مازال وليدا.  

مصادر مفيدة:

social media, مؤتمرات, مصادر أكاديمية

المؤتمر الدولي لوسائل التواصل الاجتماعي والمجتمع لندن ١١-١٣ يوليو ٢٠١٦(تقرير)

* هذا التقرير يستهدف بشكلٍ خاص الأكاديميين والباحثين في مجال وسائل التواصل الاجتماعي  – كما هي الترجمة العربية للـ Social Media- أو الإعلام الجديد كما يسميه البعض[1]، من الجانب الأكاديمي وليس التسويقي أو الإعلامي. أؤكد على ذلك في البداية لأنّ التناول الأكاديمي لموضوع وسائل التواصل الاجتماعي يحتاج- من وجهة نظري كأكاديمية – الكثير من الجهود خاصة وبالدرجة الأولى على مستوى منهجيات البحث.

من أثمن مايمكن أن يحصل عليه طالب الدكتوراه هو حضوره لمؤتمر يصب في صلب تخصصه يحضره كوكبة من أعلام المجال الذي يدرس فيه، هذا الطالب الذي يتعلّم بالمحاولة والخطأ – غالبًا – كيف يختار المؤتمر الذي سيضيف له حقًّا، كانت هذه الفرصة إحدى الفرص المهمة التي وفقني الله لاستغلالها.

IMG_9470

في البداية أود إعطاء لمحة سريعة عن المؤتمر، كان هذا هو العام السادس لانعقاد المؤتمر الدولي لوسائل التواصل الاجتماعي والذي كانت بدايته في مدينة تورونتو في دولة كندا عام 2010. ينعقد هذا المؤتمر كل عام في دولة مختلفة، وكانت مدينة لندن البريطانية هي مقر انعقاده لعام 2016. يستمر المؤتمر لمدة ثلاثة أيام ويبدأ كل يوم بكلمة افتتاحية يقدمها أحد الباحثين المختصين في مجال دراسات وسائل التواصل الاجتماعي. كما يحتوي المؤتمر على ورش عمل وعروض تقديمية هي أقرب ماتكون للندوات[2] العلمية[3]. وسيتم عقد الدورة السابعة في يوليو ٢٠١٧ في مدينة تورونتو للتسجيل.

Picture1

هذا التقرير مقسم كالتالي:

أ. نبذة عن الثيمة[4] الأساسية للمؤتمر وماتم تناوله خلال الجلسات وورش العمل، متضمنة خلاصة تحتوي على وجهة نظري بمقارنة ما تم تناوله وعرضه في هذا المؤتمر ومابين واقع البحوث العربية في مجال وسائل التواصل الاجتماعي (مرئيات وتحديات)  حسب علمي وقراءاتي في المحتوى العربي.

ب. نبذة عن الملصقات العلمية التي تم عرضها خلال المؤتمر.

أ- نبذة عن الثيمة الأساسية للمؤتمر وماتم تناوله خلاله من الجلسات  وورش العمل:

كانت الثيمة الأساسية للمؤتمر وأكثر المواضيع التي تم التركّيز عليها هي البيانات الضخمة Big Data والتي سأتناولها بشيء من التفصيل. لا يمكن بالطبع لأي من الحضور أن يتواجد في جميع الجلسات العلمية لأنها تجري بشكل متواز في ذات الوقت، لذا فإن ماسأستعرضه عنه هنا هو ماقمت بحضوره فقط أما الباقي فيمكن الاطلاع عليه من خلال الروابط المذيلة في نهاية التقرير والتي تحتوي على جدول تفصيلي للمؤتمر بالإضافة إلى روابط للأوراق المقدمة والتي تم نشرها ضمن الملحق الخاص بالمؤتمر[5].

١- التحديات المفاهيمية في الدراسات البينية في مجال وسائل التواصل الاجتماعي (ورشة عمل):

تضمنت هذه الورشة نقاشًا مابين المتخصصين في العلوم الإنسانية والدراسات الاجتماعية (علم الاجتماع بشكل خاص) ومابين المتخصصين من جهة أخرى في علوم الحاسب. تمحورت هذه النقاشات حول :

  • مايجب أن يلم به الباحث في مجال وسائل التواصل الاجتماعي خارج نطاق تخصصه:

    كمثال على ذلك كيف يمكن استخدام التطبيقات الحاسوبية وفهم مبادئ الحصول على البيانات الضخمة Big Data مثلا لمن لا يملكون خلفية عن ذلك؟ تماما كما يتعلم الباحث في العلوم الإنسانية استخدام برنامج الـ SPSS لتفريغ الاستبيانات والقيام بعدد من العمليات الحسابية، فيتعلم ماذا تعني قيمة فاي وماهو اختبار T الإحصائي مثلا.

  • كيف يمكن لهذه البيانات الضخمة أن تساعدنا في تفسير مايحدث على وسائل التواصل الاجتماعي؟

    بشكل آخر: ماذا تعني هذه الإحصاءات الهائلة عن استخدامات هذه الأداة؟ وهنا أذكر تعليقًا طريفًا لأحد المتخصصين في علوم الحاسب الآلي: نحن لا نعلم مايفكّر به البشر! وقد كان التعليق الذي دعاه للاعتراف بذلك هو ما أشارت إليه متخصصة في علم الاجتماع الرقمي[6] حين قالت: “أنتم تصفون مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بالمستخدمين  “users” ونحن نشير إليهم كأشخاص  people””. وإن طبقنا وجهة النظر نفسها باستخدام مصطلح عربي فلربما كان الأفضل لوصفه هو: أنسنة التقنية[7].

Picture2

٢- ضخامة البيانات لا تساوي الجودة:

في جلسة أخرى تم فيها عرض عدد من الأبحاث التي تناولت بشكل مفصّل استخدام البيانات الضخمة في دراسات وسائل التواصل الاجتماعي، كان من أثمن ماخُتِمَت به الورشة هو:  أنّ  “الحصول على كمية هائلة من البيانات لا يعني جودة البحث“.  وسأفصل عدة نقاط حول هذا المحور.

  • البصلة والبيانات:

Picture3

في أحد العروض التقديمية ضمن هذه الورشة أستُخدِمَت البصلة كوسيلة لشرح لمصطلح الـ thick data، فكما توضح الصورة هناك ثلاثة مستويات للبيانات من ناحية مدى عمقها:

  • البيانات في إطار المعلومات
  • الوصف المتعمق للبيانات
  • المعنى الذي يمنحه المبحوثون لنشاطاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي

 

  • قيمة وجودة البيانات المحدودة/صغيرة الحجم:

تحمل البيانات ذات العدد المحدود قيمة في بحوث وسائل التواصل الاجتماعي إن تم ربطها بالبيانات الضخمة. لهذه البيانات عدة مميزات منها التعمّق في فهم وتفسير موضوع البحث مع إمكانية تحليل البيانات يدويا، هذه البيانات تفسّر المؤشرات التي تطرحها الإحصاءات الضخمة.

Picture4

Picture5

٣ تحليل البيانات المرئية في دراسات وسائل التواصل الاجتماعي:

Picture6

  • تحليل الصورة في وسائل التواصل الاجتماعي:

من أجمل ورش العمل التي قمت بحضورها في هذا المؤتمر هي العروض التي تناولت المناهج المختلفة لتحليل الصورة ومقاطع الفيديو في بحوث وسائل التواصل الاجتماعي، مثلا من ضمن هذه المنهجيات ما يسمى بالسيميائية semiotic وهو منهجية لتحليل الصورة عبر تحليل الرموز التي تطرحها. ومن أطرف ماتم تناوله في إحدى العروض هو تقنية الـGIF وهي الصورة المتحركة وكيف يمكن تحليلها وتفسيرها بطريقة علمية.

Picture7

لا أود التفصيل في هذه النقطة أو نقل ماتم عرضه حرفيا – خشية من إعادة تدويره بما قد يتنافى مع أخلاقيات البحث العلمي- (دون نسبها إلى أصحابها)، لكنني سوف أذكر بعض أدوات جمع البيانات والتحليل التي تم اقتراحها للوصول لفهم أفضل للمحتوى المرئي على وسائل التواصل الاجتماعي. ومنها المبحوث كعنصر فاعل في تفسير أسباب مشاركته للمحتوى مثلا، وذلك قد يتم عن طريقة أداة المقابلة. كذلك يمكن استخدام أداة  الملاحظة ‪كما يطبقها علماء النفس في المختبر. كذلك يأتي تحليل المضمون كما سبقت الإشارة إليه في الفقرة السابقة كأحد أدوات تحليل المحتوى المرئي.

٤ ظاهرة الحسابات الوهمية:

تناول هذا العرض التقديمي مقارنة ما بين ثلاثة شبكات اجتماعية: فيسبوك Facebook، تويتر Twitter وانستجرام Instagram. واتضح بأنّ أعلى نسبة للحسابات الوهمية موجودة على التوالي على انستجرام، تويتر ثم فيسبوك. من النقاط المهمة والمثيرة للجدل التي تناولها هذا العرض بالنقاش هو ما إذا كانت هذه الحسابات تمثل دلالة علمية أم لا؟ ، هل يجب أن يستبعدها الباحث من بحثه؟ كذلك تناول النقاش أنواع هذه الحسابات أو بشكل أدق ما هي أسباب ظهور الحسابات الوهمية؟

Picture8

  • هل التفاعل يعني التفاعل؟

تناول هذا المحور “معايير” التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد طُرِحَت ظاهرة الحسابات الوهمية ضمن تساؤل: هل يمكن اعتبار “نشاط” هذه الحسابات “تفاعلا” على الشبكات الاجتماعية؟ (خاصة في مجال البيانات الضخمة). كمثال على ذلك، فإن العديد من الباحثين يضطرون لـ “فلترة/تصفية” البيانات التي يحصلون عليها عن طريق “الخوارزميات algorithms” وذلك بحذف التغريدات الإعلانية، المتطابقة من حسابات مختلفة الخ. و بالتالي كان التساؤل: فما هو التفاعل إذن؟ كيف يمكن قياس التفاعل على الشبكات الاجتماعية؟

Picture9

٥ دور الخبرة في بناء الباحث في مجال وسائل التواصل الاجتماعي:

كما يقول المثل الشعبي: “وُلِد وفي فمه ملعقة من ذهب”، تناول هذا المحور خبرة الباحث في مجال الشبكات الاجتماعية، فملعقة الذهب هي الخبرة والرضيع هو الباحث. في البحث العلمي وخاصة في الشبكات الاجتماعية لا “يُولَد” الباحث وفي فمه “خبرة من ذهب”. الباحث في هذا المجال يتعلم مع الممارسة و يزداد خبرة (سأناقش هذه النقطة بالتفصيل في نهاية المقالة).

[من المشكلات التي يواجهها بعض طلاب الدراسات العليا في مجال وسائل التواصل الاجتماعي هو انعدام خبرة الباحث الذي من المفترض أن يكون متخصصا في هذا المجال[8]. كمثال على ذلك: القيام بأبحاث على الفيسبوك والباحث نفسه لايملك أدنى خبرة عملية عن الفيسبوك. الخبرة هنا ليست عاملاً هامشيًا أبدًا، الخبرة هنا ضرورة أساسية. خبرة الباحث في استخدام وسيلة التواصل الاجتماعي التي يقوم بدراستها هي أمر أساسي. الشبكات الاجتماعية متغيرة، فإذا تناولنا الفيسبوك كمثال سنجد بأن خصائص الخصوصية مثلا اختلفت عشرات المرات منذ إنشائه حتى الآن، بل هي تتغير أحيانا بشكل شهري.

هذه الخصائص ترتبط ارتباطًا أساسيًا باستخدامات المبحوثين وبالبيانات التي يتم جمعها في البحث. كون الباحث “جاهلاً” بها؛ لا يستخدم هذه الشبكة يوميًا أو ليس على دراية تامة بتفاصيل خصائص استخدامات هذه الشبكة مثلا، كل ذلك قد تتسبب في قصر نظره تجاه البيانات وبناء وتصميم أدوات البحث وكذلك في التدريس والإشراف على الطلاب الذين يضاهونه آلاف المرات في خبرتهم في استخدام هذه الشبكة.

لا ننكر بأن خبرة الباحث “النظرية” هي أمر أساسي، فقد يعلق أحدهم ويقول: هذا ليس معيارًا لجودة البحث المهم أن يكون له خبرة بمنهجيات البحث. سأقول لا، لأن منهجيات البحث في مجال وسائل التواصل الاجتماعي لوحدها مجال حديث العهد لا يتعدى ١٣ عاما[9]. المقابلة والاستبيان وغيرها من الأدوات لن يكون استخدامها أبدا هو الاستخدام المعتاد والسابق الذي تعود عليه الباحث. هنا تحضرني تغريدة لأحد الجهابذة والمخضرمين في مجال علم الإنسان (الانثروبولوجي) دانيال ميللر[10] والذي تعدى عمره ٥٠ عاما: “لا بد للمتخصص في علم الإنسان أن يقوم بلعب بوكيمون جو Pokemon Go حتى يتمكن من مواكبة العصر” . هذا مثال على باحث وصل لمرحلة الأستاذية (بروفيسور) ومازال يعترف بجهله وحاجته للتعلم ليتمكن من القيام بأبحاث على تقنية جديدة!

٦ البيانات مؤطرة وتُؤَطَّر:

تناول بيانات الأبحاث على وسائل التواصل الاجتماعي تحتاج وعيا من الباحث حول “الإطار” الذي حدثت فيه، فمثلا تحليل بيانات استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي لمستخدميها في المملكة العربية السعودية يختلف تماما عن نظيرتها في بريطانيا مثلا. فتحليل البيانات يتم تفسيره ضمن الإطار الثقافي والجغرافي الذي أخذت هذه البيانات حيزا فيه. كذلك فإن فهم البيئة الثقافية  محور أساسي في دراسة بيانات وسائل التواصل الاجتماعي.

  • فبركة الموقع على وسائل التواصل الاجتماعي

لا يقتصر الأمر على معرفة الإطار الثقافي بل إنه لابد من الانتباه للبيانات التي يتم جمعها عبر هذه الوسائل – وهنا يأتي دور خبرة الباحث في استخدام الشبكة كما سبق ذكر ذلك -. للتوضيح أكثر: وجود اسم المملكة العربية السعودية على موقع مستخدم على تويتر لا يعني أنه “فعلا” و “بالتأكيد” يعيش في السعودية. هناك ألف طريقة وطريقة يقوم بها المستخدمون ب”فبركة” الموقع وهذا على شبكات اجتماعية كثيرة لا تقتصر على تويتر بل تتعداها. هنا يأتي دور الباحث لاستخدام وسائل أخرى مثل مايسمى بالخوارزميات الجغرافية Geographical Algorithm، لمحاولة إيجاد طريقة أخرى للتأكد أو اكتشاف المواقع الحقيقة التي تنتمي لها هذه الحسابات.

٧ نظرية الاستخدامات والإشباع في مجال دراسات وسائل التواصل الاجتماعي

من أوائل النظريات التي تعرفت عليها – شخصيا – كباحثة هي نظرية الـUses ‪& Gratifications. رغم أن هناك من يعتبرونها نظرية “قُتِلَت بحثًا” في مجال وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنني لست في صدد مناقشة هذا الرأي هنا، فهذه المقالة تستعرض فقط بعض النقاط الرئيسية لتقديم دليل للمهتمين والباحثين في مجال وسائل التواصل الاجتماعي. ما أود استعراضه هنا هو أنّ هذه النّظرية من النظريات الرئيسية لتفسير استخدامات المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي من أشهر الطرق التي نالت نصيبًا واسعًا من البحث. وفي رأيي الشخصي، أعتبر هذه النظرية أساسية لفهم مبدئي لأي شبكة من شبكات التواصل الاجتماعي وذلك باستخدام منهجيات بحثية مختلفة تخدم ذات الغرض.

٨ علم النفس في مجال دراسات وسائل التواصل الاجتماعي:

الإعلام عموما هو علم حديث مقارنة بعلم النفس، رغم ذلك، فلعلم النفس دور كبير في دراسات وسائل التواصل الاجتماعي. قام الكثير من علماء النفس بتطبيق المقاييس النفسية على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. كمثال على ذلك: علاقة النرجسية، الاكتئاب .. إلخ باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. هناك مناهج بحثية مختلفة لربط المجالين ببعضهما. هذا مجال حديث يتناوله علم النفس، ماهي علاقة / تأثير هذه التطبيقات على مستخدميها؟ هل هي تساهم بالفعل في “تحسين الحياة النفسية”؟ هل لها دور في علاج الاكتئاب والقلق مثلا أو زيادتها؟ أسئلة كثيرة يطرحها الربط بين المجالين.

Picture10

٩  أهمية البعد عن التعميمات في استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي‪:

“آفة العلم التعميم”، هذا من ضمن أهم ماتعلمته خلال عامين من دراسة الدكتوراه، ناقشت بعض جلسات هذا المؤتمر كما ناقش عدد من المختصين الخطأ الجسيم في تعميم نتائج دراسات التواصل الاجتماعي خاصة الكمية منها. وهذا يؤكد محدودية كل بحث مهما اتسع حجم العينة. تبقى البيانات محدودة بمجالات جغرافية، زمنية، اجتماعية وثقافية معينة. الحصول على نتيجة بحث لطلاب جامعة ما في قسم ما في مدينة ما لا يمكن تعميمه على كل طلاب الجامعات في هذه الجامعة ولا هذه الدولة. التعميم ليس هدفا للبحث، البحث هدفه هو: فهم مايحدث ومحاولة مبدئية لتفسيره. يقول المثل العربي “لكل قاعدة شواذ” كذلك هو التعميم، بغض النظر عن الإحصاءات التي تطربنا بها نتائج البيانات الضخمة يوميا عبر التصاميم الإبداعية للانفوجرافيك، تظل هذه النتائج “سطحية” و “عامة” وتخضع لاستثناءات عديدة. أرى بأنّ هذه القضية من أهم المواضيع التي لابد أن يضعها الباحثون، في مجال العلوم الإنسانية عامة وفي مجال وسائل التواصل الاجتماعي خاصة في عين الاعتبار كألف باء البحوث الاجتماعية.

ب الملصقات:

هذا هو الجزء الأخير من  التقرير والذي يتناول كما أسلفت نبذة عن “بعض” الملصقات التي تم عرضها ضمن المؤتمر. وهو فقط ماقمت بتسجيله ومشاهدته. قبل الختام أتمنى أن يكون هذا الجهد المتواضع إضافة مثرية للمحتوى الأكاديمي العربي في مجال دراسات التواصل الاجتماعي.

– تأثير الاستخدام الشخصي للأكاديميين للفيسبوك على سمعتهم المهنية  لدى الآخرين:

Picture11

– دراسة عن السيلفي

Picture12

– استخدام الفنادق لوسائل التواصل الاجتماعي بغرض التسويق وتأثير ذلك على المبيعات

Picture13

– الحق في أن تُنسى

Picture14

– تسويق الإنتاجية في العمل

Picture15

– مشاركة الريادين لتجاربهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي

Picture16

Picture17

الهوامش:

[1]ولست هنا بصدد التطرق لتعريف المفهومين والفرق بينهما .

[2] seminar

[3] من المهم التأكيد على أن المشاركة في هذا المؤتمر تتطلب التقديم عليه مسبقا بورقة علمية، ملصق أو خطة بحث يتم تحكيمهم من قبل عدد من المختصين ثم يتم الرد بالقبول أو الرفض، تماما كما اتفقت عليه متطلبات النشر العلمي .

[4] الموضوع الأساسي

[5] Proceeding

[6] Susan Halford

[7] تعرفت على هذا المصطلح من خلال نبذة (قديمة) لحساب المهندس سامي الحصين على تويتر https://twitter.com/w2me

[8] وأحيانا يتحول هذا الباحث إلى مشرف أكاديمي يدّعي إلمامه بالمجال البحثي

[9] بحسابه مع نشوء الفيسبوك عام 2004

[10] Daniel Miller