كم كنّا نحلم أن نكبر، وها نحن نعيش الحلم نردد: ليت الطفولة تعود يومًا! كان التّخرج من المرحلة الثانوية حلما بعيدا أنتظره بشغف فحققه الله لي، تلاه حلم البكالوريوس، السنة الأولى، التخصص الذي أعشق، والتخرج، كم كانت تلك الـ٤ سنوات طويلة بطول السراب الذي لا يأتي، حققه المولى بكرمه ولطفه.
ولأن الأحلام لا تفتأ أن تتجدد، كانت أحلام الماجستير، الوظيفة ثم الابتعاث والدكتوراه، وبعدما تكرّم الله علي بفضله ومنه وكرمه بتحقيقها كلها، مازلت أرى حلم اجتياز مناقشة الدكتوراه بعيدا تماما كما لو أن الزمن عاد بي إلى المراحل الأولى في كتابة رسالة الماجسيتر ، كم كان ذلك الطريق طويلا، ظننت أنني لن أشهد ذلك اليوم الذي أُبَشُّر فيه بالإجازة!
أحلامنا لا تتوب عن الطمع، ولأنّ الأمل والحياة رفيقان كما الماء ومسألة البقاء، فإننا نظل على مرافئ الأحلام وكأن هذه السفينة لا يقنعها ميناء، في كل رسو تشد رحالها من جديد، متطلعة إلى رحلة جديدة بحلم آخر، تواجه خلال مسيرتها العواصف حتى تظنّ أنها لن تصل، وهلم جرّا.
يأتي الحمد، الذي وصفه أحدهم بـ: “زحامٍ من النّعم” ليربّينا، بأنّ الحياة جميلة – كما نصحني حكيم يومًا – الحياة جميلة بنعم الله التي لو نعدّها لا نحصيها، الحياة جميلة بلفيف الأهل، الأصدقاء، القلوب النقية والأرواح الطاهرة، الحياة جميلة بنعمة الإيمان، الصلاة ومناجاة الله في كل كرب وهم، فالله أكبر من كل منغصّات الحياة التي لا نملك أن نهرب منها والتي تطاردنا كسنّة من سنن الكون.
ما أريد قوله من خلال هذه الفقرات الـ٤: أحص نعمك count your blessings وثق بأن الله لن يخيب مسعاك جاعلا قوله جلّ في علاه “إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا” دستورك ودواءك.